صورة عائلية | مقابلة مع سارة هاريس

"نأتي إلى هنا كثيراً"، هذا ما قالته لنا سارة لتصف المنزل الريفي الذي تملكه إحدى صديقاتها و حيث نقوم بتصوير المقابلة. " لقد أمضينا هنا الكثير من مناسبات الكريسماس و عطلات نهاية الأسبوع . إبنتي دري تعشق الطبيعة و المشي في الهواء الطلق و مع اراضيه الخصراء و إسطبلات تكفي لمهر صغير او ربما ثلاثة، فإن هذا المكان يُمثل هروباً لطيفاً و ملاذاً هادئاً بعيداً عن صخب منزلنا في نوتينغ هيل، غرب لندن، حيث تُقيم سارة مع زوجها ألفي هولينغورث و إبنتها دري.

في دورها كنائبة تحرير و مديرة موضة في مجلة فوغ البريطانية British Vogue ، إعتادت سارة على تحديد الإيقاع و الستايل مما أكسبها إحتراماً و سلطة في مجال الموضة. بالإضافة إلى ذلك، فإن مظهرها البسيط و السهل المتميز في ملابسها ذات الأنماط الحيادية ( الدنيم بالأخص) قد جعلها تحوز على الكثير من المعجبين.

شهرة سارة في عالم الموضة لها تأثير قليل على ذوق إبنتها دري الصغيرة التي لا تأخذ نصائح الأناقة من والدتها. تضحك سارة و تقول " دري حاسمة للغاية و مُصرة جداً". ربما إعتنقت هذه السمات مني، إذ أنني وضعت منهجاً حول ما أحب أن أرتديه من الملابس أو لا أرتديه و دري تحاكي هذا أيضاً في تفكيرها. فهي تريد أن ترتدي تنانير ستايل توتو و فساتين برنسيس و أي شيء لون زهري  أو  ترتر  و ليس هناك ما سيجعلها ترتدي شيئاً آخر.

لكنها تقول، بالطبع لم يكن الأمر كذلك دائماً. " قبل أن تُعبر عن رأيها و تقول كلمة لا- كنت أختار لها من الملاس كل ما أريد. كنت أختار لها بناطيل دانغريز دنيم و بناطيل تراكسوت" تعود سارة بذكرياتها و تقول " كان لديها جاكيت بومبر لون أخضر كاكي و كانت تبدوا رائعة عندما كانت ترتديه". تتابع سارة قولها بحنين و تقول " أما الآن، فإنني أعتقد أنه من غير الممكن أن أجعلها ترتدي هذا اللون"

 أما عند إختيار الملابس لجلسات التصوير مع تشيلدرن صالون، فقد إحتاج هذا جهد الفريق بأكمله بما فيهم سارة التي أختارت فستاناً (من التول) أعجبها جداً و لكن و على حد تعبير دري " انه يخرمش" لذلك لم يحظى برضاها. "دري أحبت  فستان قوس قزح من ماركة [Angel’s Face] و بوت يونيكورن ويلنغتون  من ماركة [Joules] كذلك أوضحت لنا سارة بأن  البوت الفضي من Stella McCartney Kids كان من الاحذية المفضلة". تم إختيارهم و الأخذ بعين الإعتبار جميع جوانب الحياة العائلية، فأن هذه الإصدارات المبهجة و العملية  تتضمن كل شيء من ملابس المناسبات الجميلة و التوبات مع البناطيل الكاجوال إلى الملابس الواقية من المطر و الفساتين بألوان زاهية.

بغض النظر عن ذوقها المميز، يا تُرى ما هي ملامح شخصية أصغر أفراد عائلة هولينغورث، على حد تعبير والدتها سارة؟ " دري دائمة الحركة، لا تتوقف طوال اليوم، نشطة للغاية، لا تتعب ابداً، عنيدة بعض الشيئ و أكيدة من نفسها و لا يُمكن إقناعها بالقيام بما لا تريد. تحب ممارسة الرياضة ، هنا توقفت سارة عن الكلام و تمعنت لفترة و جيزة ثم تابعت "إنها مثل طائر البوم الجميل، تُحب السهر لوقت متأخر، تبعث الحياة في الحفلات، لطيفة جداً و تهتم بالآخرين. و على حد قول مُعلمتها في دار الحضانة، بأن دري كانت تدعوا للعب معها أي شخص كانت تلاحظ بأنه وحيداً و هذا ما أعجبها جداً."

بالنسبة لأي عائلة، فإن بدء الحياة المدرسية تعتبر من الأحداث المهمة التي تجلب معها مشاعر الطفولة بكل حلاوتها و مرارتها لتتركها و رائها و تبشر ببداية جديدة مليئة بالإنجازات. هذه المرحلة الإنتقالية ما زالت جديدة في ذهن سارة حيث بدأت دري المدرسة في شهر سبتمبر هذا العام. يا ترى كيف تقوم سارة بالتوفيق بين العمل و المدرسة في أيام الأسبوع؟ "يجب أن أوقظ دري في الساعة 7.30 صباحاً - هي تحب النوم و تفضل أن تنام حتى الساعة 8.30 او 9 صباحاً إذا تركتها - بعدها أقوم بتحضير الفطور و نجهز لمغادرة البيت في حوالي الساعة 8.15 صباحاً. لحسن الحظ، تقع المدرسة على بعد دقيقةواحدة، سيراً على الأقدام، من بابنا و هذا أمر رائع جداً لأنني أتأخر عادةً."

بعد ترك دري في المدرسة بأمآن، أبدأ العمل. " حالياً أتواجد في المكتب ثلاثة أيام في الأسبوع - كما هو الحال مع الجميع منذ بداية جائحة الكورونا Covid. عند الساعة الثالثة بعد الظهر، تقوم المربية بالإعتناء بها حتى الساعة 6.30 مساءً. أيضاً تقوم دري ببعض الأنشطة،فهي بدأت بتعلم الباليه و المبارزة و أيضاً الجمباز للصغار! بعد ذلك، يأتي وقت الإستحمام و هو من الأوقات التي أميل إليها مع ابنتي، و ثم نقوم بتحضير وجبة العشاء مع بعض و بعدها يحين وقت النوم."

وقت النوم، عند ذكر ذلك، تتوقف سارة و تتأمل " يجب أن يكون نظام وقت النوم بشكل أفضل، تبتسم هنا و تقول ، بكل صراحة، " طوال فصل الصيف إبتعدنا عن الروتين كثيراً و كانت تنام دري حوالي الساعة 9 مساءً، لذلك، أبذل الآن مجهوداً لإعادة وقت النوم إلى المسار الصحيح من جديد. يومها طويل جدًّا، و من المفروض ان تكن مُنهكة و لكنها ليست كذلك و لا تزال مليئة بالنشاط. الآن، تنام دري عند حلول الساعة 8.30 مساءً و لكن من الضروري أن تنام قبل هذا الموعد". بالفعل، أنا أشارك شعور سارة، بالنسبة لي كأم لولد يبلغ من العمر 11 عاماً، يريد أن يكون دائماً على علم بما يجري حوله و ينفر من اللجوء إلى النوم باكراً.

أمسياتي أقضيها في متابعة العمل و الرد على رسائل البريد الإلكتروني و أخيراً أتوقف لإستمتع ببعض اللحظات الثمينة مع زوجي ألفي الذي يقوم بطهي الطعام في معظم الأمسيات أو أحيانا نطلب دليفري من أحد المطاعم. بعدها، نتابع مشاهدة حلقة تلفزيونية من مسلسل مّا و أستعد بعدها للنوم في بين الساعة 11 و 11.30 مساءً "

بعد فترة، تميل الحياة العائلية إلى الإستقرار و تسير في إيقاعها الفريد، لكن ماذا عن أيام الأمومة الأولى؟ توضح سارة بأنها كانت محظوظة جداً لوجود مربية ساعدتها في تربية دري في الشهرين الأوليين. " الأيام الأولى كانت سهلة للغاية مع طفلتي دري، منذ الشهر الثالث، كانت تنام طوال الليل و إتبعت هذا الروتين بكل سهولة. لم أدرك بالطبع مدى أهمية ذلك و حرصت على أن لا يفوتها موعد قيلولتها مهما كان الثمن."

تقول سارة، كنت قلقة عندما تركت العمل أثناء إجازة الأمومة و ثم العودة لاحقاً، لكن سرعان ما أشادت بنهج السيد أدوارد إينينفول، رئيس تحرير مجلة فوغ البريطانية British Vogue. "عندما كنت حاملاً، حصل الكثير من التغييرات في هيئة التحرير, أثناء مقابلتي الأولى معه، أخبرته بأنني حامل في الشهر الرابع و عملت معه لمدة أسبوعين فقط عندما إستلم مهامه في المجلة و ثم بدأت إجازة الأمومة. تعود سارة بالذاكرة و تقول" كنت دائماً أتواصل معه و كان رائعاً و داعماً جداً و قال لي خذي كل الوقت الذي تريدينه"

إن العوامل التي تجذب الإنسان إلى خوض تجربة الأمومة و الأبوة مقابل جاذبية العمل هو شعور مألوف عند الكثير و سارة ليست فريدة في شعورها هذا. فهي تتذكر تجربتها الخاصة في الإستعداد للعودة إلى العمل بعد ولادة إبنتها دري و تقول " أعتقد أن دري كانت تبلغ من العمر ثمانية أو تسعة أشهر, لذا طلبت أن أعمل من البيت كل يوم جمعة ، و بكل لطف وافق إدوارد على ذلك".

ما هي النصيحة التي ستعطيها سارة لكل من الآباء الجدد و للذين ينتظرون قدوم مواليدهم لأول مرة؟ تأخذ سارة بعض الوقت للتفكير و ثم تقول " يُقال دائماً بأنهم لن يبقوا أطفالاً لمدة طويلة". " كل اللحظات التي نقضيها في التفكير و التوتر، هي في إعتقادي جزء يمثل مرحلة من مراحل التطور و هي مرحلة قصيرة جداً". نحن نعتقد بأننا سنعيش هذه اللحظات إلى الأبد كما هو الحال عندما كانوا أطفالاً و تراعوهم في كل ثانية. للأسف، هذه المراحل لا تستمر إلى الأبد و ربما يجب علينا أن نستمتع و نبتهج بهذه اللحظات التي لا تُعوض. أنا متأكدة بانني أنظر بحنين إلى الماضي.